recent
أخبار ساخنة

الإعلام و التكنولوجيا | بقلم د. بشار عيسي

الصفحة الرئيسية

الإعلام و التكنولوجيا
بقلم د/ بشار عيسي



يشغل الإعلام مساحة واسعة و حيزاً كبيراً من حياة الإنسان في الوقت الراهن حالياً و الذي يعتمد عليه في الحصول على روح المعلومة و توفير الراحة الذهنية و المتعة النفسية و السعادة الفنية ببعض الأحيان و تُقدم وسائل الإعلام عامة أفكاراً متنوعة و رؤى جديدة للأشياء و الأحداث تهيىء للإنسان العصري إمكانية الانفتاح على العالم و استقبال شتى صور كل الأحداث المعقدة و الأخبار المُتلاطمة ذلك كنتيجة طبيعية للتقدم التقني الهائل و المتسارع في ثورة المعلومات و أساليب التواصل و الاتصال ، و يُعتبر الإعلام إحدى حقائق هذه الحياة الراسخة و واحداً من أهم قوى تشكيل السلوكيات و القيم الإنسانية و العلاقات الثقافية بما يبثه من آراء و أفكار تتسلل في رفق و هوادة إلى أذهان شرائح المجتمع فتعمل على تغيير واقع حياتهم و تغرس فيهم قيماً جديدة لتزيح من أمامها أنماط القيم التي درجوا عليها خلال فترات سابقة من حياة المجتمع ، و يقوم الإعلام بدور حيوي في نشر ثقافة عامة موحدة بين فئات و شرائح المجتمع الواحد من ناحية مثلما يعمل من ناحية أخرى على التقريب قدر الإمكان بين صور الثقافات المختلفة و يساعد بالتالي على نشر روح الاحترام من خلال التعرف على ماهية الثقافات المغايرة أيضاً و على هذا الأساس يمكن اعتبار الإعلام جسراً يربط بين حياة الأفراد الشخصية و العالم الذي يعيشون فيه بحيث يستطيع المرء أن يرى نفسه من خلال البرامج التي تُبث و تُشاهد على وسائل الإعلام و منصات التواصل المختلفة ، و لا يخفى على أحد بأن للإعلام عدة أدوار يقوم بلعبها و قد تكون مُتعارضة تارة و لكنها تُكمل بعضها البعض تارة أخرى فهو بالنسبة للسواد من العامة مجرد مصدر ترفيه و معلومات و أخبار عامة و تثقيف محدود و معرفة سطحية بينما هو بالنسبة لأغلب العاملين في شتى مجالاته و مناحيه مجرد صناعة أو ربما رسالة يقومون بأدائها كمهنة لهم .



مرت تكنولوجيا الإعلام بمراحل عديدة من التطوير و التجديد و التي قد يصعب التكهن بالمدى الذي قد تصل إليه و بالمسارات التي قد تبلغها حتى وصولها لمرحلة قمة التكنولوجيا الرقمية و لا يزال باب التطوير مفتوحاً على مصراعيه ، و لقد طرأت على المجال الإعلامي المفتوح للمناقشة و التوجيه و النقد و التعديل مع مختلف الأطراف و الأطياف الكثير من التغيرات المتطورة في سرعة الوصول إلى المعلومة و نشرها على نطاق واسع للغاية و لذا فإنه من الصعب التنبؤ بما سيكون عليه الوضع في المستقبل من حيث معلوماتية الإعلام و التي تُعد ثورة هادئة تجذب إليها الأنظار بدلالاتها المميزة و نتائجها بعيدة المدى و ستؤدي جزماً إلى تغييرات جوهرية في لُب موازيين القوى الإعلامية يبرز فيها عنصر الابتكار و الإبداع ضمن ساحة مفتوحة تظهر فيها بأجلى الصور تعديلات و تغييرات جوانب الإعلام العصري المُسترشد بالتكنولوجيا الرقمية المتطورة التي لا يقف دون انتشارها و تغلغلها أية قيود أو حتى حواجز .      



يُواجه قطاع الإعلام عدداً من المشاكل المُتفاقمة التي تحد من فاعليته و يترتب على ذلك نتائج سلبية تتنافى مع رسالة الإعلام المحورية و الأساسية و هي نشر المعرفة على أوسع نطاق ممكن كخطوة للتقريب بين المجتمعات و الثقافات و لعل إحدى أهم هذه المشكلات هي الميل المتزايد و الكبير للسيطرة على حقل الإعلام و توجيهه نحو أهداف و غايات و رغبات معينة لتحقيق مصالح خاصة و محددة سواء كانت مكاسب مادية أو حتى قوة و نفوذ من خلال برامج موجهة في شتى المجالات ، و هنا يكمن الخوف من أن يُصبح الإعلام أداة لنقل و توصيل رسائل مناوئة للثقافة الراقية و الفكر المُستنير و القيم الرفيعة ، و تُثير هذه التطورات الشكوك حول دور الإعلام ( الذي يعتبره الكثيرون مزيجاً من مضيعة الوقت و إهدار الموارد المالية ) في متاهات الواقع الحالي و عالم الغد في الحفاظ على تراث الإنسان المجتمعي و قيمه الراسخة و عدم التنكر للتاريخ الفكري العريق و الثقافي الطويل إضافة إلى رفض بعض الاتجاهات السطحية التي تُسيطر على عدد من السياسات الإعلامية كنزعات أو نزوات عابرة كي تبقى الفرصة سانحة للإعلام للحفاظ على حريته النقية و استقلاله المعهود و هويته الثقافية في مجتمع الغد الواعد .

د. بشار عيسى / سورية
د. بشار عيسى / سورية
google-playkhamsatmostaqltradent